Сљнгатулла Бикбулат مبدأ القراءة Мђбдђ-њл-кыйра-ђт



бет10/18
Дата11.07.2016
өлшемі1.77 Mb.
#191650
1   ...   6   7   8   9   10   11   12   13   ...   18

خَرَجَ التَّلاَمِذَةُ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى سَاحَةِ الْمَدْرَسَةِ. ثُمَّ خَرَجَ الْمُعَلِّمُ بَعْدَهُمْ لِكَيْ يَلْعَبَ مَعَهُمْ. وَ سَأَلَهُمْ قَائِلاً بِأَيِّ لُعْبَةٍ تُرِيدُونَ أَنْ تَلْعَبُوا. فَأَجَابَهُ بَعْضُهُمْ نَلْعَبُ بِلُعْبَةِ التُّفَّاحَةِ. وَ قَالَ آخَرُونَ لاَ بَلْ نَلْعَبُ بِالْكُرَةِ. وَ نَحْنُ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنَ الَّذِينَ يُحِبُّونَ لُعْبَةَ التُّفَّاحَةِ. فَقَالَ الْمُعَلِّمُ إِذَنْ نَتْبَعُ الْجَانِبَ الْأَكْبَرَ وَ نَلْعَبُ بِالْكُرَةِ. ثُمَّ وَقَفَ عَلىَ مَحَلٍّ عَالٍ فِي طَرَفِ السَّاحَةِ وَ أَخَذَ يَرْمِي الْكُرَةَ إِلَى الْأَوْلاَدِ. فَمَنْ تَلَقَّاهَا بِيَدِهِ مِنْهُمْ كَانَ يَرْمِيهَا إِلَيْهِ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَأْخُذَهَا آخَرُ مِنْهُ. وَ عِنْدَ انْقِضَاءِ وَقْتِ اللَّعِبِ دَقَّ جَرَسُ الْمَدْرَسَةِ. فَدَخَلَ التَّلاَمِذَةُ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَكَانِهِ. ثُمَّ وَقَفَ الْمُعَلِّمُ وَ قَالَ لَهُمْ: "اِسْمَعُوا يَا أَوْلاَدِي، أَقُصُّ عَلَيْكُمْ قِصَّةً عَنْ كُرَةٍ كَبِيرَةٍ عَجِيبَةٍ." فَسَكَتَ التَّلاَمِذَةُ كُلُّهُمْ وَ جَلَسُوا هَادِئِينَ لاَ يَتَحَرَّكُونَ. وَ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةٌ إِلَى الْمُعَلِّمِ. فَقَالَ: "تُوجَدُ كُرَةٌ كَبِيرَةٌ جِدًّا مُعَلَّقَةٌ فِي السَّمَاءِ مُزَيِّنَةٌ بِالْأَعْشَابِ وَ الْأَزْهَارِ. وَ عَلَيْهَا جِبَالٌ عاَلِيَةٌ وَ أَوْدِيَةٌ عَمِيقَةٌ تَجْرِي فِيهَا الْأَنْهَارُ. وَ مِنَ الْغَرِيبِ أَنَّهَا لاَ تَسْكُنُ دَقِيقَةً وَاحِدَةً بَلْ تَتَحَرَّكُ عَلَى الدَّوَامِ بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الْأَعْشَابِ وَ الْأَزْهَارِ وَ الْجِبَالِ وَ الْأَدْوِيَةِ وَ الْأَنْهَارِ. وَ هَذِهِ الْكُرَةُ هِيَ كُرَةُ الْأَرْضِ الَّتِي نَعِيشُ فِيهَا وَ نَبْنِي عَلَيْهَا الْبُيُوتَ وَ الْقُرَى وَ الْمُدُنَ. وَ فِي غَابَتِهَا تَسْكُنُ الْوُحُوشُ وَ الطُّيُورُ. اَللهُ خَلَقَ هَذِهِ الْأَرْضَ وَ جَعَلَهَا مَسْكَنًا لَنَا وَ زَيَّنَهَا بِالْمُرُوجِ وَ الْأَشْجَارِ وَ أَجْرَى فِيهَا الْأَنْهَارَ وَ جَمَعَ الْبِحَارَ، مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ." "تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ"

اَلدَّرْسُ الرَّابِعُ وَ الثَّمَانُونَ


لاَ تُزْعِجْ بِضَجَّتِكَ مَرِيضًا عَلَى فِرَاشِهِ
إِفْرَاغٌ تَنْوِيمٌ اِتِّفَاقٌ مُعَالَجَةٌ بَغْضَاءُ حَثٌّ إِزْعَاجٌ

ضَجِيجٌ أَنِينٌ حُمَّى نَظْرَةٌ خَجَلٌ شَرَعَ أَذًى رُبَّ


مَرِضَتْ فَاطِمَةُ شَقِيقَةُ سَلِيمٍ مَرَضًا شَدِيدًا لَمْ تَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى الرُّقَادِ. وَ كَانَتْ وَالِدَتُهَا قَدْ أَفْرَغَتْ جَمِيعَ الْحِيَلِ لِتَنْوِيمِهَا فَلَمْ تَسْتَفِدْ شَيْئًا. فَاتَّفَقَ أَنَّهَا نَامَتْ بَعْدَ مُعَالَجَةٍ دَامَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ. وَ فِي أَثْنَاءِ رُقَادِهَا أَخَذَ شَقِيقُهَا سَلِيمٌ عَنْ طَيْشٍ مِنْهُ لاَ عَنْ بَغْضَاءَ يَرْكُضُ فِي الْبَيْتِ وَ يَحُثُّ حِصَانًا مِنْ خَشَبٍ كَانَ قَدْ أَهْدَاهُ إِلَيْهِ أَبُوهُ فِي عِيدِ الْأَضْحَى. فَخَرَجَتْ فِي الْحَالِ وَالِدَتُهُ مِنَ الْحُجْرَةِ وَ وَبَّخَتْهُ لِإِزْعَاجِهِ شَقِيقَتَهُ. فَسَكَتَ سَلِيمٌ هُنَيْهَةً ثُمَّ عَادَ إِلَى الضَّجِيجِ وَ الْحَرَكَةِ. وَ كَانَ يَصِيحُ "دَهْ دَهْ" وَ يَضْرِبُ الْفَرَسَ بِالسَّوْطِ. وَمَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى انْتَبَهَتْ أُخْتُهُ وَ أَنَّتْ مِنْ شِدَّةِ الْحُمَّى. فَنَظَرَتْ عِنْدَئِذٍ وَالِدَتُهُ نَظْرَةَ غَضْبَى. فَخَجِلَ سَلِيمٌ مِنْ تِلْكَ النَّظْرَةِ فَذَهَبَ فِي الْحَالِ إِلَى حُجْرَةٍ بَعِيدَةٍ وَ أَخَذَ كِتَابَهُ وَ شَرَعَ يُحْضِرُ دُرُوسَهُ بِجِدٍّ وَ نَشَاطٍ.

رُبَّ مَنْ تَرْجُو بِهِ دَفْعَ الْأَذَى عَنْكَ يَأْتِيكَ الْأَذَى مِنْ قِبَلِهِ


اَلدَّرْسُ الْخَامِسُ وَ الثَّمَانُونَ
اَلصَّيَّادُ وَ السَّمَكَةُ
تَحْكِيمٌ طُعْمٌ صِنَارَةٌ غَطْسٌ شَبْكٌ ضَفْدَعٌ طَعْمٌ

شَبَعٌ تَخْلِيَةٌ سَبِيلٌ كِبَرٌ شَبَكَةٌ عَيْنٌ مَفْقُودٌ حَتَّى لَيْتَنَا


اِتَّفَقَ الْحَالُ مَعَ الصَّيَّادِ فِي بَلْدَةٍ مِنْ أَصْفَرِ الْبِلاَدِ

أَنْ حَكَّمَ الطُّعْمَ عَلَى الصِّنَارَهْ مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ عَمِلَ اسْتِخَارَهْ

فَغَطَسَتْ فِي الْمَاءِ بَعْضَ أَذْرُعِ وَ شَبَكَتْ سَمَكَةً كَالْإِصْبَعِ

قَالَتْ لَهُ وَ هَلْ لِمِثْلِي مَنْفَعَهْ يَالَيْتَمَا بَدَّلْتَنِي بِضِفْدَعَهْ

إِنِّي صَغِيرَةٌ وَ لَيْسَ بِي طَمَعْ إِذْ لَيْسَ لِي طَمْعٌ وَ لاَ مِنِّي شَبَعْ

خَلِّ سَبِيلِي سَنَتَيْنِ أَكْبَرُ وَ بَعْدَ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَحْضُرُ

وَ ارْمِ إِلَى الْبَحْرِ لِصَيْدِي شَبَكَهْ حَتَّى تَقُولَ النَّاسُ صَادَ سَمَكَهْ

فَقَالَ: "بَلْ أَكُونُ عَيْنَ الْجَاهِلِ إِذَا تَرَكْتُ عَاجِلاً بِآجِلِ

وَ عَاجِزٌ مَنْ تَرَكَ الْمَوْجُودَا طَمَاعَةً وَ طَلَبَ الْمَنْقُودَا"
اَلدَّرْسُ السَّادِسُ وَ الثَّمَانُونَ
اَلْوَزُّ وَ الْكَرْكِيُّ

كُرْكِيٌّ غَدِيرٌ جَوٌّ خِصْلَةٌ أَيِّلٌ إِتْقَانٌ خَيْرٌ هَبٌ


كُرْكِيٌّ رَأَى وَزًّا يَسْبَحُ فِي الْغَدِيرِ وَ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ بِصَوْتٍ رَفِيع:ٍ "أَنَا طَائِرٌ عَجِيبٌ جِدًّا. حَيْثُ أَمْشِى فِي الْأَرْضِ وَ أَسْبَحُ فِي الْمَاءِ وَ أَطِيرُ فِي الْجَوِّ. وَ لاَ يُوجَدُ طَائِرٌ غَيِرِي يَجْمَعُ تِلْكَ الْخِصَالَ. فَأَنَا مَلِكُ الطُّيُورِ كُلِّهَا." فَلَمَّا سَمِعَ الْكُرْكِيُّ كَلاَمَ الْوَزِّ قَالَ لَهُ: "يَا أَبْلَدَ الطُّيُورِ، لِمَ تَفْتَخِرُ بِمَا لاَ يَصِحُّ بِهِ الاِفْتِخَارُ. هَبْ أَنَّكَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ وَ عَلَى السِّبَاحَةِ وَ عَلَى الطَّيْرَانِ وَ هَلْ تَسْتَطِِيعُ أَنْ تَرْكُضَ مِثْلَ الْأَيِّلِ وَ تَسْبَحَ مِثْلَ السَّمَكِ وَ تَطِيرَ مِثْلَ النَّسْرِ؟ إِنَّكَ أَنْ تَعْرِفَ شَيْئًا وَاحِدًا وَ تُتْقِنَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَعْرِفَ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ إِتْقَانٍ."
اَلدَّرْسُ السَّابِعُ وَ الثَّمَانُونَ
الذُّبَابَةُ
هَنَاءٌ قَبْضٌ إِيَّاهُ إِيَّاهَا وَ إِلاَّ سَقَفٌ حَالَمَا

إِخْفَاءٌ إِقَامَةٌ دَفْعٌ جَنَاحٌ وُقُوعٌ طَنِينٌ إِحْسَاسٌ


مَالَكَ أَيُّهَا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ لاَ يَهْنَأُ لَكَ عَيْشٌ إِلاَّ بِضَرَرِي. فَلاَ تَرَانِي فِي مَكَانٍ حَتَّى تَمُدَّ يَدَكَ وَ تُحَاوِلَ أَنْ تَقْبِضَ عَلَيَّ. مَاذَا عَمِلْتُ مَعَكَ مِنَ الشَّرِّ؟ أَنَا ذُبَابَةٌ صَغِيرَةٌ ضَعِيفَةٌ وَ أَنْتَ كَبِيرٌ وَ قَوِيٌّ. وَ لَكِنْ لاَ تَظُنَّ أَنَّ اللهَ أَعْطَاكَ الْقُدْرَةَ لِكَيْ تَضُرَّ بِالْمَخْلُوقَاتِ الصَّغِيرَةِ مِثْلِي. اَللهُ قَدْ وَهَبَ لِيَ الْحَيَاةَ فَدَعْنِي أَحْيَا الْحَيَاةَ الَّتِي وَهَبَ لِي إِيَّاهَا الْخَالِقُ. هَلْ أَخْبَرَكَ أَحَدٌ عَنِ الْأَشْيَاءِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي فِي جِسْمِ الذُّبَابَةِ؟ مَا أَظُنُّ أَنَّكَ سَمِعْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَ إِلاَّ مَا كُنْتَ تَفْرَحُ بِإِمْسَاكِي وَ ضَرَرِي. أَنَا أَقْدِرُ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى السَّقْفِ وَ أَرْجُلِي إِلَى فَوْقٍ وَ رَأْسِي إِلَى تَحْتٍ بِكُلِّ سُهُولَةٍ كَمَا أَمْشِي فِي أَرْضِ الْبَيْتِ، لاَ فَرْقَ عِنْدِي. كَمْ مَرَّةً مَدَدْتَ يَدَكَ لِكَيْ تُمْسِكَنِي وَ لَمْ تَقْدِرْ. فَإِنِّي حَالَمَا كُنْتَ تَمُدُّ يَدَكَ كُنْتُ أَطِيرُ سَرِيعًا إِلَى مَكَانٍ آخَرَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيَّ. أَنْتَ تَظُنُّ أَنَّ لِي عَيْنَيْنِ فَقَطْ مِثْلَكَ. وَ لِذَلِكَ تَمُدُّ يَدَكَ مِنْ خَلْفِي. وَ تَجْتَهِدُ أَنْ تَخْفِيهَا عَنِّي ظَانًّا أَنِّي لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَرَاكَ. مَعَ أَنَّهُ حَالَمَا تَمُدُّ يَدَكَ أَرَاكَ وَ أَهْرُبُ. لِأَنَّ لِي عُيُونًا كَثِيرَةً لَكِنَّهَا ثَابِتَةٌ لاَ تَتَحَرَّكُ مِثْلَ عَيْنَيْكَ. فَإِنَّ كُلَّ عَيْنٍ مِنْ عَيْنَيَّ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِئَاتٍ مِنْ عُيُونٍ صَغِيرَةٍ. وَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِثْلُ رَأْسِ الْإِبْرَةِ. وَ أَنَا أَنْظُرُ بِهَا إِلَى كُلِّ الْجِهَاتِ - إِلَى قُدَّامٍ و إِلَى خَلْفٍ وَ إِلَى جَانِبٍ. وَ بِهَذِهِ الْعُيُونِ الصَّغِيرَةِ أَرَى كُلَّ مَنْ يَمُدُّ يَدَهُ مِنْ وَرَائِي لِكَيْ يُمْسِكَنِي وَ أَطِيرُ وَ أَسْلَمُ مِنْهُ. إِنِّي لَسْتُ أُقِيمُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ. بَلْ أَطِيرُ إِلَى حَيْثُ أَشَاءُ. وَ أَقَعُ عَلَى أَطْيَبِ الْمَأْكُولاَتِ وَ أَحْلَى الْمَشْرُوبَاتِ. وَ إِذَا دَفَعَنِي أَحَدٌ أَذْهَبُ ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى حَيْثُ كُنْتُ. لَسْتُ أُحِبُّ كَثْرَةَ الصَّوْتِ فَلاَ يَعْمَلُ جَنَاحَايَ صَوْتًا حِينَ أَطِيرُ وَ لاَ حِينَ أَقَعُ. فَأَعْمَلُ كُلَّ مَا أَعْمَلُهُ مِنْ دُونَ طَنِينٍ. وَ لاَ يُحِسُّ بِي أَحَدٌ إِلاَّ حِينَ أَقَعُ.

اَلدَّرْسُ الثَّامِنُ وَ الثَّمَانُونَ


اَلْحِمَارُ وَ الثَّْوْرُ
اِنْقِطَاعٌ إِرْشَادٌ خَلاَصٌ عَلَفٌ صَاحِبٌ

نَدَمٌ خُسْرَانٌ حُلُولٌ لِئَلاَّ لِئَلاَّ يَهْرُبَ


يُحْكَى أَنَّهُ كَانَ لِرَجُلٍ حِمَارٌ وَ ثَوْرٌ. وَ كَانَ حِمَارٌ فِي غَايَةِ الرَّاحَةِ لاَ يَعْمَلُ شَيْئًا. وَ أَمَّا الثَّوْرُ فَكَانَ يَعْمَلُ بِدُونِ انْقِطَاعٍ. فَذَهَبَ يَوْمًا إِلَى صَاحِبِهِ الْحِمَارِ وَ شَكَا إِلَيْهِ أَمْرَهُ وَ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُرْشِدَهُ إِلَى طَرِيقَةٍ يُمْكِنُهُ بِهَا أَنْ يَخْلُصَ مِنْ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ. فَقَالَ لَهُ الْحِمَارُ: "الرَّأْيُ لَكَ يَا صَاحِبِي أَنْ تَتَمَارَضَ وَ لاَ تَأْكُلَ عَلَفَكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ. فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ تَرَكَكَ صَاحِبُنَا غَدًا وَ لَمْ يَأْخُذْكَ لِلْحِرَاثَةِ فَتَسْتَرِيحُ. فَقَبِلَ الثَّوْرُ نَصِيحَةَ الْحِمَارِ وَ عَمِلَ بِإِشَارَتِهِ. وَ لَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ حَضَرَ صَاحِبُهُ فَرَأَى الثَّوْرَ لَمْ يَأْكُلْ عَلَفَهُ. فَتَرَكَهُ وَ أَخَذَ الْحِمَارَ بَدَلَهُ وَ حَرَثَ عَلَيْهِ كُلَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ. فَتَعِبَ الْحِمَارُ كَثِيرًا وَ نَدِمَ عَلَى نَصِيحَتِهِ لِلثَّوْرِ. وَ لَمَّا رَجَعَ عِنْدَ الْمَسَاءِ قَالَ لَهُ الثَّوْر:ُ "كَيْفَ حَالُكَ يَا أَخِي؟" فَقَالَ: "بِخَيْرٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ الْيَوْمَ صَاحِبَنَا يَقُولُ: "إِذَا اسْتَمَرَّ الثَّوْرُ عَلَى هَذَا الْحَالِ وَ لَمْ يَأْكُلْ عَلَفَهُ فَلاَ بُدَّ مِنْ ذَبْحِهِ لِئَلاَّ أَخْسَرَ ثَمَنَهُ." فَالرَّأْيُ لَكَ يَا صَاحِبِي، الْآنَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى عَادَتِكَ وَ تَأْكُلَ عَلَفَكَ لِئَلاَّ يَحِلَّ بِكَ هَذَا الْبَلاَءُ الْعَظِيمُ." فَلَمَّا سَمِعَ الثَّوْرُ مَا قَالَ الْحِمَارُ ظَنَّ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ وَ أَنَّهُ نَاصِحٌ لَهُ فَقَامَ فِي الْحَالِ وَ أَخَذَ يَأْكُلُ عَلَفَهُ. وَ لَمَّا رَأَى الرَّجُلُ عِنْدَ الصَّبَاحِ أَنَّ عَلَفَ الثَّوْرِ مَأْكُولٌ ظَنَّ أَنَّهُ شُفِيَ مِنْ مَرَضِهِ وَ أَخَذَهُ لِلْحِرَاثَةِ كَعَادَتِهِ.
اَلدَّرْسُ التَّاسِعُ وَ الثَّمَانُونَ
اَلْعَنْزَةُ وَ الذِّئْبُ
عَرِيشٌ عَنْزَةٌ مُطَارَدَةٌ مَرَّ لاَ يَلْوِي عَلَى أَحَدٍ
كَانَ رَجُلٌ شَيْخٌ يُقِيمُ فِي غَابَةٍ فِي عَرِيشٍ لَهُ. وَ كَانَ هَذَا الشَّيْخُ حَارِسًا لِتِلْكَ الْغَابَةِ. وَ كَانَ لَهُ عِدَّةٌ مِنَ الدَّجَاجِ وَ عَنْزَةٌ. فَفِي ذَاتِ يَوْمٍ كَانَتِ الْعَنْزَةُ تَرْعَى قُرْبَ الْعَرِيشِ وَ الدَّجَاجُ حَوْلَهُ إِذْ خَرَجَ ذِئْبٌ مِنْ وَسَطِ الْغَابَةِ وَ تَوَجَّهَ نَحْوَهَا. وَ كَانَ هَذَا الذِّئْبُ لَمْ يَسْمَعْ صِيَاحَ الدِّيكِ قَطُّ. وَ فِيمَا هُوَ مُقْتَرِبٌ إِلَي الْعَرِيشِ إِذْ صَاحَ الدِّيكُ صِيَاحًا شَدِيدًا. فَلَمَّا سَمِعَ الذِّئْبُ صِيَاحَ الدِّيكِ خَافَ خَوْفًا شَدِيدًا وَ هَرَبَ لاَ يَلْوِي عَلَى شَيْئٍ. فَظَنَّتِ الْعَنْزَةُ أَنَّهُ هَرَبَ خَوْفًا مِنْهَا. فَصَارَتْ تَتْبَعُهُ وَ تَطَارَدَهُ. فَلَمَّا بَعُدَ الذِّئْبُ عَنِ الْعَرِيشِ قَلِيلاً رَجَعَ إِلَى الْعَنْزَةِ وَ افْتَرَسَهَا. فَمَاتَتِ الْمِسْكِينَةُ قَتِيلَ حُمْقِهَا.

اَلدَّرْسُ التِّسْعُونَ


اَلدُّرُوسُ
جِدٌّ رَوْضَةٌ ثَمَرٌ إِيمَاضٌ اِطِّرَاحٌ اِغْتِنَامٌ فَشَلٌ مُبَادَرَةٌ تَهَجُّأٌ

مَلَلٌ كِيسٌ فَارِغٌ إِحْرَازٌ اِلْتِمَاسٌ أَوَانٌ ذُلٌّ هَمٌّ أَجَلُّ


جِدَّ كُلَّ الْجِدِّ فِي الدَّرْسِ تَنَلْ مِنْ رِيَاضِ الْعِلْمِ أَثْمارَ الْأَمَلْ

إِنَّمَا الْوَقْتُ كَبَرْقٍ مُومِضٍ فَاغْتَنِمْهُ وَ اطَّرِحْ عَنْكَ الْكَسَلْ

لاَ تُضَيِّعْ أَوَّلَ الْعُمْرِ سُدًى فَتَرَى آخِرَهُ شَرَّ الْفَشَلْ

فُرْصَةُ التَّحْصِيلِ لِلتِّلْمِيذِ فِي أَوَّلِ الْعُمْرِ فَبَادِرْ بِالْعَجَلْ

إِقْرَأِ الدَّرْسَ تَهَجَّأْ وَانْتَهِزْ كُلَّ وَقْتِ الدَّرْسِ لاَ تَشْكُو الْمَلَلْ

أَنْتَ لاَ يَرْضِيكَ كِيسٌ فَارِغٌ كَيْفَ عَقْلٌ فَارِغٌ يَا مَنْ عَقَلْ

أَحْرِزِ الْعِلْمَ بِعَقْلٍ ثَابِتٍ وَالْتَمِسْ فِي جَمْعِهِ خَيْرَ الْحِيَلْ

مَا أَوَانُ اللَّهْوِ هَذَا إِنَّهُ وَقْتُ دَرْسٍ وَ اجْتِهَادٍ وَ عَمَلْ

إِنْ صَرَفْتَ الْوَقْتَ فِي اللِّعْبِ وَلَمْ تَنْتَبِهْ لِلدَّرْسِ تُحْقَرْ وَ تُذَلْ

هَمَّكَ اصْرِفْهُ إِلَى جَائِزَةٍ إِنْ تَنَلْهَا تَنَلِ الْفَخْرَ الْأَجَلْ

اَلدَّرْسُ الْحَادِي وَ التِّسْعُونَ
اِصْطَدْتُ دُبًّا
- اِصْطَدْتُ دُبًّا.


  • جِئْ بِهِ هُنَا.

  • لاَ يَجِئُ.

  • إِذَنْ خَلِّ سَبِيلَهُ وَ جِئْ أَنْتَ نَفْسُكَ.

  • وَ لَكِنْ هُوَ لاَ يُخَلِّي سَبِيلِي.

اَلدَّرْسُ الثَّانِي وَ التِّسْعُونَ


اَلْكَلْبَةُ وَ الْلَّبُوءَةُ
يُحْكَى أَنَّ كَلْبَةٌ غَيَّرَتْ لَبُوءَةً. فَقَالَتْ: "أَنَا أَلِدُ ثَمَانِيَةً فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَ أَنْتِ لاَ تَلِدِينَ إِلاَّ وَاحِدًا." فَقَالَتِ اللَّبُوءَةُ: "إِلاَّ أَنِّي أَلِدُ أَسَدًا وَ أَنْتَ تَلِدِينَ الْكِلاَبَ. فَقَلِيلِي خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِكِ."
اَلدَّرْسُ الثَّالِثُ وَ التِّسْعُونَ
اَلْيَرَاعَةُ وَ الْقِرَدَةُ وَ الطَّائِرُ
قِرْدٌ رِيحٌ يَرَاعَةٌ شَرَارَةٌ حَطَبٌ نَفْخٌ تَرَوَّخٌ إِيقَادٌ تَدْفِئَةٌ نِدَاءٌ تَبْيِينٌ اِسْتِقَامَةٌ تَقْوِيمٌ عُودٌ اِنْحِنَاءٌ قَوْسٌ إِِبَاءٌ

كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقِرَدَةِ يَسْكُنُونَ فِي جَبَلٍ فَبَحَثُوا فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ ذَاتَ رِيَاحٍ وَ أَمْطَارٍ عَنْ نَارٍ فَلَمْ يَجِدُوا. فَرَأُوا يَرَاعَةً تَطِيرُ كَأَنَّهَا شَرَارَةُ نَارٍ فَظَنُّوهاَ نَارًا. فَجَمَعُوا حَطَبًا كَثِيرًا وَ أَلْقُوهُ عَلَيْهَا. وَ جَعَلُوا يَنْفُخُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ وَ يَتَرَوَّحُونَ بِأَيْدِيهِمْ طَمْعًا فِي أَنْ يُوقِدُوا نَارًا تُدَفِّئُهُمْ مِنَ الْبَرْدِ. وَ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُمْ طَائِرٌ عَلَى شَجَرَةٍ يَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ. فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ وَ يَقُولُ: "لاَ تَتْعَبُوا فَإِنَّ الَّذِي رَأَيْتُمُوهُ لَيْسَ بِنَارٍ." فَلَمَّا لَمْ يَسْمَعُوا قَوْلَهُ عَزَمَ عَلَى الْقُرْبِ مِنْهُمْ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ خَطَأَهُمْ. فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَعَرَفَ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ: "لاَ تَطْلُبْ تَقْوِيمَ مَا لاَ يَسْتَقِيمُ فَإِنَّ الْعُودَ الَّذِي لاَ يَنْحَنِي لاَ يُعْمَلُ مِنْهُ الْقَوْسُ. فَأَبَى الطَّائِرُ أَنْ يَطِيرَ وَ اقْتَرَبَ إِلَى الْقِرْدِ لِيُعْرِفَهُمْ أَنَّ الْيَرَاعَةَ لَيْسَتْ بِنَارٍ. فَتَنَاوَلَهُ بَعْضُ الْقِرَدَةِ وَ ضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ فَمَاتَ.


اَلدَّرْسُ الرَّابِعُ وَ التِّسْعُونَ
اَلْفَأْرُ
ظَلاَمٌ ِحْتِشَامٌ يَابِسٌ حِرْمَانٌ نَفِيسٌ زُبْدَةٌ حَلِيبٌ سَمْنٌ مُغَادَرَةٌ
اَلْفَأْرُ لاَ يَخْرُجُ فِي النَّهَارِ بَلْ يَخْتَبِي فِي دَاخِلِ الاَحْجَارِ

لَكِنَّهُ إِذَا أَتَى الظَّلاَمُ وَ كَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ فِيهِ نَامُوا

يَسْرَحُ فِي الْبَيْتِ بِلاَ احْتِشَامِ يَأْكُلُ مَا شَاءَ مِنَ الطَّعَامِ

فَتَارَةً يَأْكُلُ خُبْزًا يَابِسَا وَ تَارَةً يَحْرِمُنَا النَّفَائِسَا

مِنْ لَحْمَةٍ أَوْ زُبْدَةٍ أَوْ جُبْنِ أَوْ مِنْ حَلِيبٍ طَيِّبٍ أَوْ سَمْنِ

ثُمَّ إِذَا أَحَسَّ بِالْهِرِّ ظَهَرْ غَادَرَ طِيبَ الْعِيشِ فِي الْبَيْتِ وَ فَرْ

يَلْتَمِسُ النَّجَاةَ وَ السَّلاَمَهْ مِنْ دُونِ أَنْ تَأْخُذَهُ نَدَامَهْ
اَلدَّرْسُ الْخَامِسُ وَ التِّسْعُونَ
اَلذُّبَابَةُ وَ الثَّوْرُ

تَثْقِيلٌ ثَقَّلَ عَلَيْهِ إِعْلاَمٌ شُعُورٌ


ذُبَابَةٌ وَقَعَتْ عَلَى قَرْنِ ثَوْرٍ. وَ ظَنَّتْ أَنَّهَا ثَقَّلَتْ عَلَيْهِ. فَقَالَتْ لَهُ: "إِنْ كُنْتُ قَدْ ثَقَّلْتُ عَلَيْكَ فَأَعْلِمْنِي حَتَّى أَطِيرَ عَنْكَ." فَقَالَ لَهَا الثَّوْرُ: "يَا هَذِهِ، مَا شَعَرْتُ بِنُزُولِكِ حَتَّى يُرِيحَنِي فِرَاقُكِ."

اَلدَّرْسُ السَّادِسُ وَ التِّسْعُونَ


اَلثَّعْلَبُ
دَهَاءٌ اِمْتِصَاصٌ قَصَبُ السُّكَّرِ بَلْدَةُ كَذَا إِغْنَاءٌ قَطْرَةٌ

مِشْمِشٌ بُسْتَانٌ شَرَهٌ هَرْوَلَةٌ غَرِيبٌ سَلْخٌ عَرْضٌ


اَلثَّعْلَبُ أَكْثَرُ الْحَيَوَنَاتِ احْتِيَالاً وَ دَهَاءً. وَ الْإِنْسَانُ يَنْسُبُ إِلَيْهِ حِيَلاً كَثِيرَةً غَيْرَ صَحِيحَةٍ. مِنْهَا أَنَّ ثَعْلَبَيْنِ اِلْتَقَيَا فِي مَكَانٍ فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَنْ مَحَلِّ إِقَامَتِهِ. فَأَجَابَهُ إِنَّهُ يَسْكُنُ فِي سَاحِلِ نَهْرٍ حَيْثُ يَمْتَصُّ قَصَبَ السُّكَّرِ. فَقَالَ الْآخَرُ: "تَعَالَ مَعِي إِلَى بَلْدَةِ كَذَا حَيْثُ أُغْنِيكَ عَنْ مَصِّ الْقَصَبِ الَّذِي لاَ تَنَالُ مِنْهُ قَطْرَةً إِلاَّ بَعْدَ الْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ. فَتَرَى فِيهَا الْمِشْمِشَ أَلْوَانًا وَ غَيْرَهُ مِنَ الثِّمَارِ اللَّذِيذَةِ." فَتَبِعَهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَا تِلْكَ الْبَلْدَةَ دَخَلاَ بُسْتَانًا كَثِيرَ الْأَشْجَارِ. وَ فِيهِ مِنَ الْمِشْمِشِ شَيْءٌ كَثِيرٌ. فَأَخَذَا يَأْكُلاَنِ بِشَرَهٍ شَدِيدٍ. فَأَحَسَّ بِهِمَا الْبُسْتَانِيُّ وَ هَرْوَلَ نَحْوَهُمَا بِعَصَاهُ. فَفَرَّ الْأَوَّلُ، أَمَّا الثَّعْلَبُ الْآخَرُ فَلِكَوْنِهِ غَرِيبَ الدَّارِ هنُاَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ عَلَى الْفِرَارِ. فَقَبَضَ الْبُسْتَانِيُّ عَلَيْهِ. ثُمَّ نَادَهُ رَفِيقُهُ مِنْ بَعِيدٍ: "أَيْنَ الْمُلْتَقَى؟" فَأجَابَهُ: "صَبَاحًا فِي سُوقِ الْفِرَاءِ." يَعْنِي أَنَّهُ سَيُذْبَحُ وَ يُسْلَخُ قَبْلَ الصَّبَاحِ وَ يُعْرَضُ جِلْدُهُ لِلْبَيْعِ فِي السُّوقِ.

السَّابِعُ وَ التِّسْعُونَ


اَلْأَسَدُ وَ الْمُسَافِرُ
إِبْطَاءٌ وُثُوبٌ صَخْرٌ شَاهِقٌ هُوَّةٌ دَبِيبٌ حَافَّةٌ

ضِرْسٌ غُصْنٌ نَصْبٌ قَادِمٌ نُفُورٌ تَحَطُّمٌ


كَانَ رَجُلٌ مُسَافِرًا فِي النَّوَاحِي الْجَنُوبِيَّةِ مِنْ أَفْرِيقِيَّةِ. فَوَصَلَ فِي سَفَرِهِ إِلَى صَحْرَاءَ وَاسِعَةٍ. فَرَأَى فِيهَا أَسَدًا عَنْ بُعْدٍ. وَ اتَّفَقَ أَنَّ الْأَسَدَ رَآهُ أَيْضًا وَ جَعَلَ يَتْبَعُهُ. وَ كَانَ إِذَا أَسْرَعَ الْمُسَافِرُ يُسْرِعُ وَ إِذَا أَبَطأَ يُبْطِئُ وَ إِذَا وَقَفَ يَقِفُ. فَفَهِمَ أَنَّ الْأَسَدَ يَتْبَعُهُ عَنْ بُعْدٍ حَتَّى إِذَا أَتَى الظَّلاَمُ يَثِبُ عَلَيْهِ وَ يَفْتَرِسُهُ. وَ لَمْ يَكُنِ الْمُسَافِرُ يَقْدِرُ أَنْ يَفِرَّ مِنْ وَجْهِهِ لِأَنَّ الْأَسَدَ أَشَدُّ مِنْهُ سُرْعَةً. فَفَكَّرَ فِي أَنْ يَحْتَالَ عَلَيْهِ حِيلَةً يُهْلِكُهُ بِهِ وَ يَتَخَلَّصَ مِنْهُ. فَجَاءَ إِلَى صَخْرٍ شَاهِقٍ تَحْتَهُ هُوَّةٌ عَمِيقَةٌ وَ دَبَّ عَلَى يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ وَ اخْتَبَأَ عِنْدَ حَافَّتِهِ وَرَاءَ ضِرْسٍ مِنْهُ. وَ رَأَى هُنَاكَ فِي بَعْضِ شُقُوقِ الصَّخْرِ غُصْنَ شَجَرَةٍ يَابِسًا فَنَصَبَهُ وَ جَعَلَ عَلَيْهِ جُبَّتَهُ وَ طُرْبُوشَهُ عَلَى هَيْئَةِ رَجُلٍ وَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ رَأَى أَنَّ الْأَسَدَ قَادِمٌ إِلَيْهِ يَسِيرُ سَيْرَ الْخَائِفِ عَلَى فَرِيسَتِهِ أَنْ تَنْفِرَ مِنْهُ. وَ حِينَ دَنَا مِنَ الْجُبَّةِ وَ الطَّرْبُوشِ وَثَبَ عَلَيْهِمَا فَسَقَطَ إِلَى أَسْفَلِ الْهُوَّةِ فَتَحَطَّمَ وَ مَاتَ.

اَلدَّرْسُ الثَّامِنُ وَ التِّسْعُونَ


اَلنَّاسِكُ
اِمْتِلاَءٌ اِسْتِلْقَاءٌ عُكَّازَةٌ غَلاَءٌ حَبْلٌ اِسْتِئْجَارٌ

أَكَّارٌ فَاخِرٌ نَجِيبٌ تَرَعْرُعٌ تَشْدِيدٌ


يُحْكَى أَنَّ نَاسِكًا كَانَ يُرْسِلُ إِلَيْهِ أَحَدُ التُّجَّارِ كُلَّ يَوْمٍ رَطْلَيْنِ مِنَ الْعَسَلِ. فَكَانَ النَّاسِكُ يَأْكُلُ مِنْهُ حَاجَتَهُ وَ يَضَعُ الْبَاقِي فِي جَرَّةٍ وَ يُعَلِّقُهَا فِي وَتِدٍ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ وَ لَمْ يَمْضِ عَلَى ذَلِكَ شَهْرٌ حَتَّى امْتَلاَتِ الْجَرَّةُ فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَالْعُكَّازَةُ فِي يَدِهِ إِذْ تَفَكَّرَ فِي غَلاَءِ الْعَسَلِ. فَقَالَ: "سَأَبِيعُ مَا فِي هَذِهِ الْجَرَّةِ بِدِنَارٍ وَ أَشْتَرِي بِهِ عَنْزَتَيْنِ فَتَحْبَلاَنِ وَ تَلِدَانِ فِي كُلِّ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً. وَ لاَ تَمْضِي إِلاَّ عِدَّةُ سَنَوَاتٍ حَتَّى تَصِيرَ الْعَنْزَتَانِ مَعْزًا كَثِيرًا. فَأَبِيعُ بَعْضَ الْمَعْزِ وَ اشْتَرِى بِثَمَنِهِ بَقَرًا وَ اشْتَرِى أَرْضًا وَ بَذَرًا وَ اسْتَأْجِرُ أَكَرَةً وَ أَزْرَعُ عَلَى الثِّيرَانِ وَ انْتَفِعُ بِأَلْبَانِ الْإِنَاثِ وَ أَوْلاَدِهَا. فَلاَ يَأْتِي عَلَيَّ خَمْسُ سِنِينَ إِلاَّ وَ أُصِيبُ مِنَ الزَّرْعِ مَالاً كَثِيرًا. فَأَبْنِى بَيْتًا فَاخِرًا وَ اشْتَرِي أَفْرَاسًا نَجِيبَةً وَ اسْتَأْجِرُ خَادِمًا وَ خَادِمَةً وَ أَتَزَوَّجُ امْرَأَةً صَالِحَةً جَمِيلَةً. فَتَحْمِلُ ثُمَّ تَأْتِي بِغُلاَمٍ نَجِيبٍ فَأَخْتَارُ لَهُ أَحْسَنَ الْأَسْمَاءِ. فَإِذَا تَرَعْرَعَ أَدَّبْتُهُ وَ أَحْسَنْتُ تَأْدِيبَهُ وَ أُشَدِّدُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ أَطَاعَنِي وَ إِلاَّ ضَرَبْتُهُ بِهَذِهِ الْعُكَّازَةِ." وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَرَّةِ فَكَسَرَهَا. فَسَالَ مَا فِيهَا إِلَى وَجْهِهِ.

اَلدَّرْسُ التَّاسِعُ وَ التِّسْعُونَ


اَلثَّعْلَبُ وَ مَكْرُهُ
مَائِدَةٌ خُوَانٌ لِيفٌ تَهْيِئَةٌ

قَالَ بَعْضُهُمْ: "كُنَّا فِي سَفَرٍ فِي أَرْضِ الْيَمَنِ. فَوَضَعْنَا الْمَائِدَةَ لِنَتَعَشَّى. وَ حَضَرَتْ صَلاَةُ الْمَغْرِبِ. فَقُمْنَا لِكَيْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَتَعَشَّى. وَ تَرَكْنَا الْمَائِدَةَ كَمَا هِيَ. وَ كَانَتْ فِيهَا دَجَاجَتَانِ. فَجَاءَ ثَعْلَبٌ وَ أَخَذَ إِحَدَاهُمَا. فَلَمَّا صَلَّيْنَا أَسِفْنَا عَلَيْهَا. فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ الثَّعْلَبُ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنَّا وَ فِي فَمِهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ الدَّجَاجَةُ فَوَضَعَهُ. فَبَادَرْنَا إِلَيْهِ وَ نَحْنُ نَحْسَبُهُ الدَّجَاجَةَ. فَجَاءَ إِلَى الْأُخْرَى وَ أَخَذَهَا مِنْ فَوْقِ الْخُوَانِ. وَ أَخَذْنَا الَّذِي قُمْنَا لِنَأْخُذَهُ فَإِذَا هُوَ لِيفٌ قَدْ هَيَّأَهُ مِثْلَ الدَّجَاجَةِ. فَرَجَعْنَا وَ قَدْ خَسِرْنَا الدَّجَاجَتَيْنِ بِسَبَبِ مَكْرِهِ."


اَلدَّرْسُ الْمِئَ


Достарыңызбен бөлісу:
1   ...   6   7   8   9   10   11   12   13   ...   18




©dereksiz.org 2024
әкімшілігінің қараңыз

    Басты бет