فَرِيدٌ
وَالِدٌ مَخْزَنٌ مُكْثٌ أَمْرٌ طُولَ الْيَوْمِ أَنَا أَصْغَرُ مِنْكَ بِخَمْسِ سِنِينَ
فَرِيدٌ عُمْرُهُ سَبْعُ سَنَوَاتٍ. وَ أُخْتُهُ عَائِشَةُ عُمْرُهَا تِسْعُ سَنَوَاتٍ. وَ هِيَ تَتَعَلَّمُ فِي الْمَدْرَسَةِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ. وَ أَمَّا أَخُوهُ فَرِيدٌ فَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ بِثَلاَثِ سَنَوَاتٍ. وَ لَهُ جَدَّةٌ كَبِيرَةٌ فِي الْعُمْرِ. وَ هِيَ تُحِبُّ فَرِيدًا مَحَبَّةً شَدِيدَةً. وَ هُوَ أَيْضًا يُحِبُّهَا كَثِيرًا. أَمَّا وَالِدُ فَرِيدٍ فَهُوَ يَشْتَغِلُ بِالتِّجَارَةِ. وَ لَهُ مَخْزَنٌ كَبِيرٌ. فَهُوَ يَمْكُثُ فِيهِ طُولَ الْيَوْمِ يَبِيعُ فِيهِ الْأَقْمِشَةَ. وَ أَمَّا وَالِدَتُهُ فَهِيَ تَشْتَغِلُ بِإِدَارَةِ أُمُورِ الْبَيْتِ. وَ هُوَ لَمْ يَتَعَلَّمْ بَعْدُ شَيْئًا. وَ قَدْ عَزَمَ أَبُوهُ أَنْ يُرْسِلَهُ فِي الْخَرِيفِ إِلَى الْمَدْرَسَةِ لِيَتَعَلَّمَ الْقِرَاءَةَ وَ الْكِتَابَةَ.
اَلدَّرْسُ الرَّابِعُ وَ الْخَمْسُونَ فِي الْمَدْرَسَةِ
هُنَيْهَةٌ تَعْظِيمٌ بَدْءٌ أَمْرٌ إِمْلاَءٌ اِنْتِهَاءٌ ـكَ كَمَا
فِي السَّاعَةِ الثَّامِنَةِ صَبَاحًا دَقَّ الْجَرَسُ. فَدَخَلَ التَّلاَمِذَةُ الْمَدْرَسَةَ. وَ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَكَانَهُ. وَ كَانَ بَيْنَ هَؤُلاَءِ فَرِيدٌ أَيْضًا. وَ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ دَخَلَ الْمُعَلِّمُ. فَقَامَ التَّلاَمِذَةُ تَعْظِيمًا لَهُ. ثُمَّ بُدِئَ الدَّرْسُ. فَقَامَ أَحَدُ التَّلاَمِذَةِ وَ قَرَأَ دَرْسَ الْأَمْسِ. ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَرَأَ كَمَا قَرَأَ الْأَوَّلُ. ثُمَّ قَامَ فَرِيدٌ فَقَرَأَ كَمَا قَرَأَ الْأَوَّلاَنِ. ثُمَّ أَمَرَهُ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى اللَّوْحَةِ. وَ أَمْلَى عَلَيْهِ عِدَّةَ سُطُورٍ. وَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الدَّرْسِ انْصَرَفَ التَّلاَمِذَةُ كُلُّهُمْ إِلَى بُيُوتِهِمْ.
اَلدَّرْسُ الْخَامِسُ وَ الْخَمْسُونَ كَلْبُ فَرِيدٍ
جَرْوٌ حِينَ نُبَاحٌ سَرْحٌ لُحُوقٌ قُدَّامٌ إِيصَالٌ قُدْرَةٌ طَيَرَانٌ
كَلْبُ فَرِيدٍ جَرْوٌ جَمِيلٌ وَ يُحِبُّ أَنْ يَلْعَبَ وَ يَرْكُضَ فِي الدَّارِ. هُوَ لاَ يَأْكُلُ شَيْئًا غَيْرَ الْخُبْزِ وَ اللَّحْمِ. بَيْتُ فَرِيدٍ قُرْبَ بَيْتِ رَشِيدٍ. وَ حِينَ يَذْهَبُ فَرِيدٌ إِلَى صَاحِبِهِ رَشِيدٍ يَذْهَبُ الْجَرْوُ مَعَهُ وَ يَدْخُلُ الدَّارَ. مَرَّةً ذَهَبَ مَعَ فَرِيدٍ كَلْبُهُ. وَ رَأَى دِيكَ رَشِيدٍ يَسْرَحُ مَعَ الدَّجَاجِ. وَ حِينَ رَأَهُ صَارَ يَنْبَحُ وَ يَرْكُضُ وَرَاءَهُ. بَقِيَ كَلْبُ فَرِيدٍ يَرْكُضُ وَرَاءَ الدِّيكِ حَتَّى أَوْصَلَهُ إِلَى آخِرِ الدَّارِ. فَطَارَ الدِّيكُ عَلَى الحَائِطِ وَ لَمْ يَقْدِرِ الْكَلْبُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ.
اَلدَّرْسُ السَّادِسُ وَ الْخَمْسُونَ
الْمَدْرَسَةُ
تَقْوِيمٌ خَرِيطَةٌ رَفِيقٌ تَلَقَّي اِسْتِمَاعٌ اِسْتَمَعَ لَهُ تَعْيِيبٌ فَائِزٌ
تَضْيِيعٌ سُدًى حَلٌّ سِيرَةٌ شَرْحٌ مَنْ هَكَذَا جَائِزَةٌ
كَرِيمٌ تِلْمِيذٌ صَغِيرُ السِّنِّ. وَ هُوَ وَلَدٌ مُؤَدَّبٌ جِدًّا. يُحِبُّ الْمَدْرَسَةَ حُبًّا شَدِيدًا. يَذْهَبُ إِلَيْهِ بَاكِرًا وَ لاَ يَتَأَخَّرُ عَنِ الدُّرُوسِ أَبَدًا. وَ هُوَ مُجْتَهِدٌ فِي دُرُوسِهِ كَثِيرًا وَ لاَ يَلْعَبُ إِلاَّ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لِلَّعِبِ. وَ لِذَلِكَ يُحِبُّهُ مُعَلِّمُهُ وَ أَبُوهُ وَ أَقَارِبُهُ وَ كُلُّ مَنْ يَعْرِفُهُ. اَلْفَصْلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ فِيهِ كَرِيمٌ حُجْرَةٌ غَيْرُ كَبِيرَةٍ يُوجَدُ فِيهَا مَقَاعِدُ لِلتَّلاَمِذَةِ وَ مَكْتَبٌ وَ كُرْسِيٌّ لِلْمُعَلِّمِ. تَرَى أَمَامَ الْمَقَاعِدِ لَوْحَ الطَّبَاشِيرِ وَ فِي الْجِدَارِ ساَعَةً وَ تَقْوِيمًا وَ خَرَائِطَ وَ عِدَّةَ رُسُومٍ. فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَرَى كَرِيمًا وَ رُفَقَاءَهُ جَالِسِينَ عَلَى الْمَقَاعِدِ. وَ الْمُعَلِّمُ وَاقِفٌ أَمَامَهُمْ. وَ هُمْ يَتَلَقَّوْنَ الْآنَ مِنْهُ دَرْسَ الْحِسَابِ. مَرَّةً أَعْطَاهُمُ الْمُعَلِّمُ مَسْأَلَةً صَعْبَةً مِنَ الْحِسَابِ. وَ وَعَدَ الْفَائِزَ بِجَائِزَةٍ. وَ عَيَّنَ يَوْمَ الْاِمْتِحَانِ. فَأَمَّا كَرِيمٌ فَلَمْ يُضَيِّعْ وَقْتَهُ سُدًى بَلْ صَرَفَهُ إِلَى حَلِّ الْمَسْأَلَةِ. وَ أَمَّا بَقِيَّةُ الْأَوْلاَدِ لَمْ يَجْتَهِدُوا مِثْلَ كَرِيمٍ بَلْ صَرَفُوا أَكْثَرَ أَوْقَاتِهِمْ إِلَى اللَّعْبِ. فَلَمَّا جَاءَ وَقْتُ الْاِمْتِحَانِ لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ عَلَى شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ مِثْلَ كَرِيمٍ. فَاسْتَحْسَنَ الْمُعَلِّمُ سِيرَةَ كَرِيمٍ وَ مَدَحَهُ وَ أَعْطَاهُ الْجَائِزَةَ. فَلَمَّا جَاءَ كَرِيمٌ باِلْجَائِزَةِ إِلَى بَيْتِهِ سُرَّ بِهِ أَبَوَاهُ كَثِيرًا وَ اشْتَرَى لَهُ أَبُوهُ دَرَّاجَةً صَغِيرَةً. وَ هَكَذَا نَالَ كَرِيمٌ جَائِزَتَيْنِ.
اَلدَّرْسُ السَّابِعُ وَ الْخَمْسُونَ
مَنْفَعَةُ الْقِرَاءَةِ
مَنْفَعَةٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ اِسْتِعْدَادٌ مَيْلٌ طَيٌّ لاَ بُدَّ تَخْلِيَةٌ
قَضَاءٌ حُدُوثٌ خَطَرٌ تَعْلِيقٌ بُلُوغٌ اِنْكِسَارٌ غَرْقٌ
جَلَسَ رَشِيدٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِالْقُرْبِ مِنَ الْمِصْبَاحِ. وَ أَخَذَ يَسْتَعِدُّ لِدُرُوسِهِ وَ كَانَ لاَ يُحِبُّ الْقِرَاءَةَ وَ لاَ يَمِيلُ إِلَيْهَا. وَ لَكِنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنَ الْجَزَاءِ وَ بَعْدَ أَنْ دَرَسَ قَلِيلاً طَوَى الْكِتَابَ وَ سَأَلَ أُمَّهُ قَائِلاً لِمَاذَا يَتَعَلَّمُ النَّاسُ الْقِرَاءَةَ وَ مَا الْمَنْفَعَةُ مِنْهَا؟ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ لاَبُدَّ مِنَ الْقِرَاءَةِ يَا ابْنِي وَ مَنَافِعُهَا كَثِيرَةٌ لاَ تَعْرِفُهَا الْآنَ. قَالَ يَا أُمِّي خَلِّينِي فِي الْبَيْتِ. فَإِنِّي لَسْتُ أُحِبُّ الْمَدْرَسَةَ وَ لاَ الْقِرَاءَةَ. وَ إِذَا بَقِيْتُ هُنَا أَقْضِي لَكِ أَشْغَالَكِ وَ لاَ أَعْصِيكِ أَبَدًا. فَقَالَتْ يَا ابْنِي اسْمَعْ مِنِّي حِكَايَةَ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَعْرِفِ الْقِرَاءَةَ وَ مَاذَا حَدَثَ لَهُ: "كَانَ وَلَدٌ سَائِرًا فِي الطَّرِيقِ. فَوَصَلَ إِلَى نَهْرٍ عَلَيْهِ جِسْرٌ مِنْ خَشَبٍ. وَ رَأَى أَمَامَ الْجِسْرِ لَوْحًا مُعَلَّقًا مَكْتُوبًا عَلَيْهِ: "لاَ تَعْبُرْ عَلَى هَذَا الْجِسْرِ فِيهِ خَطَرٌ". فَلَمَّا قَرَأَ الْوَلَدُ الْكَلاَمَ الْمَكْتُوبَ لَمْ يَعْبُرْ عَلَى الْجِسْرِ بَلْ سَارَ إِلَى جِسْرٍ آخَرَ وَ عَبَرَ عَلَيْهِ. وَ بَلَغَ الْمَكَانَ الْمَقْصُودَ سَالِمًا. وَ بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَ غُلاَمٌ آخَرُ لاَ يَعْرِفُ الْقِرَاءَةَ. فَرَأَى اللَّوْحَ الْمُعَلَّقَ وَ مَشَى فِيهِ. وَ لَمَّا بَلَغَ وَسَطَ الْجِسْرِ انْكَسَرَ تَحْتَ رِجْلِهِ لَوْحٌ قَدِيمٌ فَسَقَطَ فِي النَّهْرِ وَ غَرِقَ فِي الْمَاءِ"
اَلدَّرْسُ الثَّامِنُ وَ الْخَمْسُونَ
اَلدُّبُّ
دَأْبٌ وَحْشٌ تَفْتِيشٌ صَيْدٌ إِذَا هَوْلٌ زَحْفٌ صُرَاخٌ
تَصْوِيبٌ بُنْدُقِيَّةٌ إِطْلاَقٌ رَصَاصٌ إِصَابَةٌ إِخْطَاءٌ تَمَاوُتٌ شَمٌّ تَنَفُّسٌ إِضْرَارٌ جُثَّةٌ مِزَاحٌ هَمْسٌ مُرَافَقَةٌ دَنِئٌ
مَحْمُودٌ وَ سَعِيدٌ كَانَا يَتَعَلَّمَانِ فِي مَدْرَسَةٍ وَاحِدَةٍ وَ فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ. وَ كَانَ مِنْ دَأْبِهِمَا الْخُرُوجُ إِلَى الْغَابَةِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْقَرْيَةِ لِصَيْدِ بَعْضِ الْوُحُوشِ الصَّغِيرَةِ. فَخَرَجَا مَرَّةً عَلَى عَادَتِهِمَا إِلَى تِلْكَ الْغَابَةِ. فَبَيْنَمَا هُمَا يَفْتِشَانِ فِي الْغَابَةِ عَنِ الصَّيْدِ إِذْ دُبٌّ يَزْحَفُ إِلَيْهِمَا. وَ هُوَ يَصْرُخُ صُراخًا هَائِلاً. فَأَخَذَ الْغُلاَمَيْنِ خَوْفٌ شَدِيدٌ. فَصَوَّبَ مَحْمُودٌ بُنْدُقِيَّتَهُ إِلَى الدُّبِّ وَ أَطْلَقَ الرَّصَاصَ. وَ لَكِنَّهُ ذَهَبَ سُدًى وَ لَمْ يُصِبْهُ. فَرَمَى الْبُنْدُقِيَّةَ فِي الْحَالِ وَ صَعَدَ شَجَرَةً قَرِيبَةً مِنْهُ. وَ أَمَّا سَعِيدٌ فَكَانَ أَيْضًا قَدْ أَطْلَقَ إِلَى الدُّبِّ الرَّصَاصَ وَ أَخْطَاهُ. وَ كَانَ الدُّبُّ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيْهِ. فَأَلْقَى نَفْسَهُ إِلَى الْأَرْضِ وَ تَمَاوَتَ. فَجَاءَ إِلَيْهِ الدُّبُّ وَ أَخَذَ يَشُمُّهُ. وَ لَمَّا رَآهُ لاَ يَتَحَرَّكُ وَ لاَ يَتَنَفَّسُ ظَنَّ أَنَّهُ مَيِّتٌ فَتَرَكَهُ بِدُونِ أَنْ يُضِرَّ بِهِ، لِأَنَّ الدُّبَّ لاَ يَمَسُّ الْجُثَّةَ الْمَيْتَةَ. وَ لَمَّا ذَهَبَ الدُّبُّ وَ غَابَ عَنْ أَعْيُنِهِمَا نَزَلَ مَحْمُودٌ مِنَ الشَّجَرَةِ فَقَالَ لِسَعِيدٍ مُمَازِحًا لَهُ: إِنِّي رَأَيْتُ الدُّبَّ قَدْ هَمَسَ إِلَى أُذُنِكَ فَأَخْبِرْنِي مَاذَا قَال لَكَ". فَأَجَابَهُ سَعِيدٌ: "إِنَّهُ قَالَ لِي لَقَدْ أَخْطَأْتَ كَثِيرًا بِمُرَافَقَتِكَ هَذَا الْغُلاَمَ الدَّنِئَ".
أُطْلُبِ الْجَارَ قَبْلَ الدَّارِ وَ الرَّفِيقَ قَبْلَ الطَّرِيقِ.
اَلدَّرْسُ التَّاسِعُ وَ الْخَمْسُونَ
Достарыңызбен бөлісу: |