اَلْعَالِمُ وَ ابْنَتُهُ
اِسْتِئْذَانٌ خِسَّةٌ طِفْلٌ مُخَالَطَةٌ مَوْقِدٌ فَجْمٌ
نَارٌ اِتِّسَاخٌ تَأْثِيرٌ أَثَّرَ فِيهِ قَرِينٌ سُوءٌ طَبْعٌ
يُحْكَى أَنَّ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ اسْتَأْذَنَتْهُ ابْنَتُهُ ذَاتَ يَوْمٍ أَنْ تَذْهَبَ مَعَ أَخِيهَا الصَّغِيرِ إِلَى بِنْتٍ أُخْرَى مَعْرُوفَةٍ بِالْخِسَّةِ وَ الدَّنَاءَةِ. فَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا وَالِدُهَا. فَقَالَتْ لَهُ أَتَظُنُّنَا أَطْفَالاً حَتَّى تَخَافُ عَلَيْنَا مِنْ مُخَالَطَةِ هَذِهِ الْبِنْتِ. وَ كَانَ أَمَامَهَا مَوْقِدٌ فِيهِ فَحْمٌ. فَأَخَذَ قِطْعَةً مِنَ الْفَحْمِ وَ قَالَ لَهَا أَمْسِكِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ. فَامْتَنَعَتْ لِأَنَّهَا ظَنَّتْ بِهَا نَارًا. فَقَالَ لَهَا لاَ تَخَافِي إِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَارٌ. فَلَمَّا عَلِمَتْ أَنَّهَا خَالِيَةٌ مِنَ النَّارِ أَمْسَكَتْهَا بِيَدِهَا. فَاتَّسَخَتْ يَدُهَا فَرَمَتْهَا. فَوَقَعَتْ عَلَى ثِيَابِهَا فَاتَّسَخَتْ أَيْضًا. فَقَالَ لَهَا وَالِدُهَا أَرَأَيْتِ أَنَّ إِمْسَاكَكِ الْفَحْمَ قَدْ أَثَّرَ فِي يَدِكِ وَ ثِيَابِكِ. كَذَلِكِ قَرِينُ السُّوءِ تُؤَثِّرُ مُخَالَطَتُهُ فِي الطِّبَاعِ.
اَلدَّرْسُ التَّاسِعُ وَ السَّبْعُونَ
اَلشِّبْلُ وَ الْفَأْرُ
شِبْلٌ اِضْطِجَاعٌ جُحْرٌ نَظْرَةٌ مِخْلَبٌ حَيْرَةٌ هَرَبٌ
عَطَبٌ بُقْعَةٌ شَرَكٌ مَلِكٌ حَيَاةٌ قَرْضٌ إِفْلاَتٌ رَتْعٌ
رَوَاحٌ مَصْرَعٌ كَيْدٌ بَأْسٌ أَيْدٌ آجِلاً اِنْبَرَى يَكْتُبُ
اَلشِّبْلُ كَانَ وَسَطَ النَّهَارِ مُضْطَجِعًا أَمَامَ جُحْرِ الْفَارِ
فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْفَأْرُ مَرَّهْ وَ لَمْ يَكُنْ رَآهُ غَيْرَ نَظْرَهْ
وَ إِنَّمَا عَرَفَهُ بِالْوَصْفِ وَ بِالْمَخَالِبِ الَّتِي بِالْكَفِّ
فَحَارَ هَذَا الْفَأْرُ أَيْنَ يَذْهَبُ وَ كَيْفَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ يَهْرَبُ
وَ إِذَا رَآهُ الشِّبْلُ خَائِفًا ذَهَبْ وَ قَالَ سِرْيًا فَأْرُ لاَ تَخْشَ الْعَطَبْ
وَ بَعْدَ حِينٍ ذَلِكَ الشِّبْلُ وَقَعْ فِي شَرَكِ قَدْ مُدَّ فَي إِحْدَى الْبُقََعْ
مَرَّ بِهِ الْفَأْرُ فَقَالَ مَا جَرَى وَ مَا الَّذِي هُنَا رَمَاكَ يَا تُرَى
يَا مَلِكَ الْوُحُوشِ مَاذَا تَصْنَعُ وَ فِي الْحَيَاِة مَا أَظُنُّ تَطْمَعُ
ثُمَّ انْبَرَى يَقْرِضُ فِي ذَلِكَ الشَّرَكْ وَ الشِّبْلُ فِيهِ رَابِضٌ وَ مَا احْتَرَكْ
وَ لَمْ يَزَلْ يَقْرِضُ فِيهِ جُمْعَهْ بِسِنِّهِ حَتَّى اسْتَطَاعَ قَطْعَهْ
فَأَفْلَتَ الشِّبْلُ وَارِعَ يَرْتَعُ وَ قَدْ نَجَا مِنْهُ وَ زَالَ الْمَصْرَعُ
وَ قَالَ بِالصَّبْرِ وَ بِالْمُدَاوَمَهْ يُدْرَكُ مَا لاَ تُدْرِكُ الْمُقَاوَمَهْ
وَ رُبَّمَا نَالَ الْفَتَى بِكَيْدِهِ مَا لَمْ يَنَلْ بِبَأْسِهِ وَ أَيْدِهِ
وَ إِنَّ مَنْ كَانَ لِخَيْرٍ عَامِلاً يَلْقَى جَزَاهُ عَاجِلاً أَوْ آجِلاً
اَلدَّرْسُ الثَّمَانُونَ
اَلتِّلِغْرَافُ
صَحِيحٌ تِلِغْرَافٌ مَكْتَبُ التِّلِغْرَافِ بَدَلٌ اِنْتِظَارٌ
حَسَنٌ – هَلْ أَنْتَ مُسَافِرٌ الْيَوْمَ إِلَى بَلَدِكُمْ ياَ كَامِلُ؟
كَامِلٌ – نَعَمْ سَأُسَافِرُ فِي قِطَارِ الظُّهْرِ
-
وَ هَلْ أَرْسَلْتَ إِلَى أَبِيكَ مَكْتُوبًا لِأَجْلِ أَنْ يُرْسِلَ لَكَ فَرَسًا إِلَى الْمَحَطَّةِ؟
-
لاَ وَ لَكِنْ سَأُرْسِلُ إِلَى أَبِي اْلآنَ.
-
أَظُنُّ أَنَّكَ إِذَا كَتَبْتَ مَكْتُوبًا اْلآنَ لاَ يَصِلُ إِلَى بَلَدِكُمْ إِلاَّ غَدًا.
-
صَحِيحٌ. وَ لَكِنَّ سَأُرْسِلُ إِلَى أَبِي تِلِغْرَافًا.
-
وَ كَيْفَ تُرْسِلُ تِلِغْرَافًا؟
-
أَكْتُبُ الْكَلاَمَ الَّذِي أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ لِأَبِي وَ أُعْطِيهِ لِلرَّجُلِ الَّذِي فِي مَكْتَبِ التِّلِغْرَافِ وَ هُوَ يُرْسِلُهُ إِلَى أَبِي فِي أَقَلَّ مِنْ سَاعَةٍ.
-
فِي أَقَلَّ مِنْ سَاعَةٍ؟ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ. وَ لِمَاذَا لاَ يَكْتُبُ كُلُّ النَّاسُ تِلِغْرَافَاتٍ بَدَلَ الْمَكْتُبَاتِ؟
-
لِأَنَّ أُجْرَةُ الْمَكْتُوبِ عَشْرُ مَلِّيمَاتٍ وَ أَمَّا أُجْرَةُ التِّلِغْرَافِ فَكَثِيرَةٌ.
-
كَمْ أُجْرَةُ الْتِّلِغْرَافِ؟
-
أُجْرَةُ كُلِّ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي التِّلِغْرَافِ سَبْعُ مَلِّيمَاتٍ. اُنْظُرْ هَذِهِ هِيَ صُورَةُ التِّلِغْرَافِ الَّذِي كَتَبْتُهُ لِأَبِي.
-
اِنْتَظِرْ حَتَّى أَعُدُّ الْكَلِمَاتِ.
-
إِنَّ فِيهِ عَشْرُ كَلِمَاتٍ.
-
نَعَمْ وَ لِذَلِكَ أُجْرَتُهُ سَبْعُونَ مَلِّيمًا. أَنَا الْآنَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكْتَبِ التِّلِغْرَافِ لِأُرْسِلَ هَذَا إِلَى أَبِي. هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَذْهَبَ مَعِي؟
-
نَعَمْ أُرِيدُ أَنْ أَذْهَبَ مَعَكَ لِأَرَى مَكْتَبَ التِّلِغْرَافِ فَإِنِّي مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ.
اَلدَّرْسُ الْحَادِي وَ الثَّمَانُونَ
اَلصُّرْصُورُ وُ النَّمْلَةُ
صُرْصُورٌ نَمْلَةٌ غِنَاءٌ تَرَنُّمٌ عُشْبٌ إِدِّخَارٌ قُوتٌ
هُزَالٌ خُطُورَةٌ بَالٌ اِسْتِقْرَاضٌ إِقْرَاضٌ سَدٌّ رَقْضٌ
يُحْكَى أَنَّ صُرْصُورًا قَضَى زَمَنَ الصَّيْفِ فِي الْغِنَاءِ وَ التَّرَنُّمِ بَيْنَ الْأَعْشَابِ وَ الْأَزْهَارِ. وَ لَمْ يَدَّخِرْ شَيْئًا مِنَ الْقُوتِ لِأَيَّامِ الشِّتَاءِ. فَجَاءَ الشِّتَاءُ وَ لَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ لِيَأْكُلَهُ. فَأَخَذَتْهُ الْحَيْرَةُ وَ الْحُزْنُ وَ لَمْ يَعْرِفْ مَاذَا يَصْنَعُ. وَ كَانَ الْجُوعُ يُتْعِبُهُ يَوْمًا فَيَوْمًا إِلَى أَنْ هَزِلَ هُزَالاً شَدِيدًا. وَ أَمْسَكَ عَنِ الْقَفَزِ وَ الْغِنَاءِ وَ كَانَتَ قَرِيبًا مِنْهُ نَمْلَةٌ قَدِ اشْتَغَلَتْ فِي الصَّيْفِ اشْتِغَالاً شَدِيدًا. وَ ادَّخَرَتْ لِنَفْسِهَا مَا يَكْفِيهَا مِنَ الْقُوتِ إِلَى فَصْلِ الرَّبِيعِ. فَخَطَرَ بِبَالِهِ أَنْ يَقْصُدَ النَّمْلَةَ وَ يَسْتَقْرِضُ مِنْهَا شَيْئًا مِنَ الْقُوتِ. فَذَهَبَ إِلَيْهَا وَ قَالَ لَهَا: "أَسْأَلُكِ يَا جَارَتِي بِحَقِّ الْجِوَارِ بَيْنَنَا أَنْ تُقْرِضِينِي شَيْئاً أَسُدُّ بِهِ جُوعِي. فَقَدِ اهْزَلَنِي الْجُوعُ وَ لَمْ أَجِدْ أَحَدًا غَيْرَكِ أَسْتَقْرِضُهُ. وَ سَأَرُدُّ إِلَيْكَ عِنْدَ مَجِيءِ الصَّيْفِ مَا أَعْطَيْتِهِ مِنَ الْقُوتِ بِزِياَدَةٍ." فَقَالَتِ النَّمْلَة:ُ "مَاذَا كُنْتَ تَصْنَعُ أَيُّهَا الصَّدِيقُ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ عِنْدَمَا كَانَ النَّاسُ يَسْتَعِدُّونَ لِلشَّتَاءِ؟ وَ لِمَ لَمْ تَسْتَعِدَّ كما اسْتَعَدَّ غَيْرُكَ؟ وَ هَلْ كُنْتَ مَرِيضًا طُولَ الصَّيْفِ؟" قاَلَ: "كَلاَّ ياَ صَدِيقَتِي. إِنِّي كُنْتُ أَقْضِي أَوْقَاتِي بِالْغَنَاءِ وَ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِي أَنْ أَدَّخِرَ لِأَيَّامِ الشِّتَاءِ." فَأَجَابَتْهُ النَّمْلَةُ مُسْتَهْزِءَةً: "إِذَنْ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقْضِيَ الشِّتَاءَ فِي الرَّقْصِ. فَمِثْلُكَ لاَ يَسْتَحِقُّ الرَّحْمَةَ وَ الْإِحْسَانَ."
اَلدَّرْسُ الثَّانِي وَ الثَّمَانُونَ
اَلنَّاسِكُ وَ الْمَكَرَةُ
سَمِينٌ قِيَادَةٌ مَنْزِلٌ مَكْرٌ تَشَاوُرٌ عَرْضٌ شَأْنٌ عَرَضَ لَهُ
قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ اِحْتَالَ عَلَيْهِ سَحَرَ عَيْنَهُ حَيْثُ
كَانَ لِنَاسِكٍ عِدَّةُ رُوبِلاَتٍ مِنَ النُّقُودِ. فَأَحَبَّ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَرُوفًا لِيَجْعَلَهُ قُرْبَانًا للهِ. فَخَرَجَ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ إِلَى السُّوقِ وَ اشْتَرَى خَرُوفًا سَمِينًا. وَ فِيمَا هُوَ يَقُودُهُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ هُوَ يُفَكِّرُ فِي شَأْنِ الْخَرُوفِ وَ سِمَنِهِ وَ يَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهُ قُرْبَانًا مَقْبُولاً عِنْدَهُ إِذْ رَآهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَاكِرِينَ فَتَشَاوَرُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُ مِنَ النَّاسِكِ بِالْحِيلَةِ. فَعَرَضَ لَهُ أَحَدُهُمْ وَ قَالَ لَه:ُ "أَيُّهَا النّاسِكُ مَا هَذَا الْكَلْبُ الَّذِي مَعَكَ؟" ثُمَّ عَرَضَ لَهُ الْآخَرُ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: "لَيْسَ هَذَا نَاسِكًا لِأَنَّ النَّاسِكَ لاَ يَقُودُ كَلْبًا وَ لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ النَّسَّاكِ." ثُمَّ عَرَضَ لَهُ الثَّالِثُ وَ قَالَ لَهُمَا: "مَا شَأْنُ هَذَا النَّاسِكِ يَقُودُ كَلْبًا أَظُنُّ أَنَّهُ مَجْنُونٌ." فَلَمْ يَزَالُوا يَحْتَالُونَ عَلَى النَّاسِكِ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ حَتَّى لَمْ يَشُكَّ أَنَّ الَّذِي يَقُودُهُ لَيْسَ خَرُوفًا وَ إِنَّمَا هُوَ كَلْبٌ. وَ أَنَّ الَّذِي بَاعَهُ إِيَّاهُ سَحَرَ عَيْنَهُ. فَأَطْلَقَهُ مِنْ يَدِهِ وَ تَوَجَّهَ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَلَمَّا غَابَ النَّاسِكُ عَنْ عَيْنِ الْمَكَرَةِ أَخَذُوا بِهِ وَ تَوَجَّهُوا حَيْثُ شَاءُوا.
اَلدَّرْسُ الثَّالِثُ وَ الثَّمَانُونَ
اَلْكُرَةُ
تَبَعٌ مَحَلٌّ تَلَقَّى بِيَدِهِ هُدُوءٌ شُخُوصٌ وَادٍ عَمِيقٌ غَرِيبٌ مَسْكَنٌ تَزْيِينٌ مَا أَعْلَمَ مُحَمَّدًا مَا أَحْسَنَ هَذَا الْكِتَابَ تَعْلِيقٌ
Достарыңызбен бөлісу: |